التقييم والتقدير في برامج تدريب المدربيين | منهجيات تطوير الكفاءة المهنية وتحليل الأداء

يُعدّ التقييم والتقدير أحد الركائز الأساسية في برامج تدريب الراشدين، إذ يمثل الأداة العلمية التي تُمكّن من قياس مدى تحقق الأهداف التعليمية، وتحليل مدى اكتساب المتعلمين للكفاءات المطلوبة. ويستند هذا النظام إلى ثلاثة عناصر مترابطة: دفتر التعلم (Learning Diary)، والملف المهني (Portfolio)، وعقد التعلم (Learning Contract)، وهي أدوات تمثل نهجًا متكاملًا لتوثيق عملية التعلم ومتابعة التقدم الأكاديمي والمهني للمشاركين.

أولًا: عقد التعلم (Learning Contract)

يُعتبر عقد التعلم بمثابة اتفاق رسمي بين المتدرب ومؤسسة التدريب، يحدد بدقة الكفاءات المستهدفة والنتائج المتوقعة بنهاية البرنامج. وفي نهاية اليوم الثالث من الدورة، يُطلب من المشاركين توقيع هذا العقد لضمان وضوح الالتزامات المتبادلة بين المتدرب والمدرّب.
تشارك في صياغة العقد جهات إشرافية متخصصة، مثل منظمة DVV International وفريق Curriculum globALE، لضمان أن العقد يحقق الحد الأدنى من المعايير المعتمدة في التدريب الدولي للبالغين، وأنه يغطي جميع مجالات التعلم الأساسية.
يُسهم هذا النظام في تحويل العملية التعليمية من مجرد نقل للمعرفة إلى عملية تشاركية قائمة على المسؤولية الفردية والتعلم الذاتي الموجَّه نحو النتائج.

🔹 تعلم معنا وارتقِ بمستوى مهاراتك المهنية من خلال الاشتراك في دبلوم تدريب المدربين المعتمدين Training of Trainers TOT على منصة البورد الأوروبي للعلوم والتنمية!

ثانيًا: دفتر التعلم (Learning Diary)

يُعد دفتر التعلم وسيلة توثيق شخصية تهدف إلى تحفيز التأمل الذاتي في التجربة التعليمية، حيث يسجل المتدرب فيه ملاحظاته اليومية حول ما تعلمه، وما واجهه من تحديات، وكيفية تطبيقه للمعارف الجديدة.
لا يُستخدم هذا الدفتر لأغراض التقييم الرسمي، بل لتطوير وعي المتعلم بذاته كعنصر فاعل في بيئة التعلم. فهو بمثابة “مرآة معرفية” تساعد على تتبّع النمو المهني والتطور الذاتي بمرور الوقت.
تؤكد الدراسات الحديثة أن اعتماد دفاتر التعلم في التعليم المستمر يُعزّز من التفكير التأملي (Reflective Thinking)، وهو أحد أهم مؤشرات التعلم العميق لدى الراشدين (Brookfield, 2017).

🔹 دفتر التعلم ليس سجلًا للتذكّر فقط، بل أداة لصناعة وعي مهني متجدد.

ثالثًا: الملف المهني (Portfolio)

يُستخدم الملف المهني كوثيقة شاملة تُبرز مدى التقدم الذي أحرزه المتدرب. ويحتوي هذا الملف على خطط التدريب، والتغذية الراجعة، وتقييمات الزملاء والمدربين، وتقارير الجلسات، ومقاطع الفيديو التعليمية، وجميعها تُربط بالكفاءات المحددة في عقد التعلم.
خلال اليوم الرابع من الورشة، تتم مراجعة هذا الملف ضمن جلسة تحليلية تشاركية، تتيح لكل متدرب عرض إنجازاته ومناقشة تطوره المهني أمام المجموعة.
يُوصى أيضًا بتزويد المتدربين بوسائل تنظيمية تدعم هذا الجانب مثل مجلد احترافي التصميم ودفتر تعلم أنيق وذاكرة USB لحفظ المواد الرقمية، مما يعزز ثقافة التوثيق والاحترافية في الممارسة التدريبية.

رابعًا: التمرين العملي والعرض التقديمي

في اليوم الرابع من البرنامج، تُتاح للمشاركين فرصة تقديم عرض تطبيقي يمثل المنهجية التدريبية التي لم يتمكنوا من تطبيقها خلال المرحلة العملية. ويُطلب من كل مشارك إدارة جلسة تدريبية قصيرة تُمكّنه من توضيح المفهوم الذي يعتمده وتلقي التغذية الراجعة من المدربين والزملاء.
ينصح المؤلف بعدم الاعتماد على نظام الدرجات الكمية التقليدية في هذا النوع من التدريب، لأن التقييم العددي لا يمكنه التقاط تعقيد الأداء في بيئة تعليم الراشدين، حيث تتداخل المتغيرات الاجتماعية والنفسية والمهنية بشكل يصعب ضبطه.

تشير دراسات في تعليم الكبار (Knowles, Holton & Swanson, 2015) إلى أن فعالية المنهجية التدريبية لا تقاس بعدد النقاط، بل بقدرة المدرب على تكييف الأسلوب مع طبيعة المجموعة وسياق التعلم.

خامسًا: معايير منح الشهادة

تُمنح شهادة المشاركة بناءً على كفاءة المتدرب في النقاط الآتية:

1. اختيار المنهجية المناسبة وتخطيط تطبيقها بما ينسجم مع متطلبات الدورة وأهدافها.

2. تطبيق المنهجية بمرونة ضمن بيئة تدريبية طبيعية.

3. التفكير النقدي في العملية التعليمية والقدرة على التعبير عن سيرها وأثرها.

4. تحليل القرارات التربوية وشرح أسباب تعديل المنهجية أو تطويرها.

وفي حال أظهر أحد المتدربين تميّزًا نوعيًا في تطبيق منهجية محددة، يمكن الإشارة إلى هذا التفوق في الشهادة كدليل على تخصصه المهني.

🔹 انضم لبرنامج تدريب المدربين لتعلّم كيفية إعداد ملف مهني متكامل يُبرز خبراتك ومهاراتك التدريبية!

خاتمة

يؤكد هذا النموذج القائم على العقد | الدفتر | الملف أنّ التقييم في تعليم الراشدين لا يجب أن يكون أداة للفرز أو المقارنة، بل وسيلة للتعلم المستمر والتطوير الذاتي. إنه نموذج يربط بين المساءلة الذاتية والمسار المهني، ويحول عملية التقييم من كونها إجراءً شكليًا إلى تجربة تعليمية بحد ذاتها.

للحصول على مزيد من الفائدة تواصل مع فريقنا الدعم بالعربية من خلال الدردشة المباشرة عبر واتساب بالضغط هنا